عشرة أشياء يود كل طفل لديه التوحُّد أن تعرفها
بعض الأيام يكون الشيء الوحيد الذي يمكن توقعه منها هو عدم قابليتها للتوقع. السمة الدائمة الوحيدة هي عدم الدوام.
ثمة قلة يجادلون، على مختلف المستويات، في حقيقة أن التوحد أمر غير قابل للفهم حتى بالنسبة لأولئك الذين يمضون حياتهم بالقرب منه.
قد يبدو الطفل الذي يعيش التوحد طبيعياً، ولكن تصرفاته قد تكون محيرة أو صعبة إلى أقصى حد.
اعتُبرَ التوحد في مرحلة ما نوعاً من الاضطراب "غير قابل للشفاء"، لكن هذه الفرضية تنهار في وجه المعرفة والفهم اللذين يتزايدان حتى أثناء قراءتك لهذه الكلمات.
في كل يوم يُظهر لنا الأفراد الذين يعانون التوحد أنهم قادرون على التعويض وقهر أكثر صفات التوحد تحدياً. إن تزويد أولئك الذين يعيشون حول أطفالنا بفهم بسيط لعناصر التوحد الأساسية، له تأثير هائل على رحلتهم نحو سن نضج منتج ومستقل.
التوحد اضطراب معقد إلى أقصى حد، ولكن غرضنا في هذا المقال أن نركّز خواصه الكثيرة في أربعة أقسام أساسية: تحديات المعالجة الحسية، تأخر وإعاقات الكلام واللغة، مهارات التفاعل الاجتماعي المحيرة، وجميع القضايا المتعلقة بتقدير الطفل لذاته.
ومع أن هذه العناصر الأربعة قد تكون مألوفة بالنسبة للعديد من الأطفال، يجب أن يكون في أولوية تفكيرنا حقيقة أن التوحد هو اضطراب طيفي: فليس كل طفلين مصابين بالتوحد يتشابهان تماماً (وليس كل عشرة أو عشرين). فكل طفل قد يكون على درجة مختلفة من درجات ذلك الطيف. ومن المهم بنفس القدر أن يكون كل واحد من الأهل، والمعلمين، ومقدمي الرعاية عند درجة ما من درجات ذلك الطيف. سواء كان طفلاً أو بالغاً، فإن لكل طفل لديه التوحد منظومة فريدة من الاحتياجات.
فيما يلي أورد عشرة أشياء يود كل طفل يعاني التوحد، منك أن تعرفها:
1-أنا أولاً وقبل كل شيء طفل . أنا لدي التوحد. ولكنني لست "توحدياً" بالدرجة الأولى.
توحدي هو واحد من أبعاد شخصيتي المتكاملة. وهو لايُعَرِّفني كشخص.
هل أنت شخص له أفكاره وأحاسيسه ومواهبه الكثيرة، أم أنك مجرد شخص بدين يعاني الوزن الزائد أو قصير النظر يرتدي نظارات طبية أو فوضوي غير مرتب وغير ماهر بالرياضة؟
قد تكون هذه هي الأشياء التي أراها قبل سواها عندما ألتقي بك، ولكنها لاتعبر بالضرورة عن كل ما لديك.
كبالغ، لديك بعض السيطرة على الطريقة التي تعرِّف بها نفسك. فإذا كنت تريد إبراز خاصية ما فيك يمكنك أن تعلن ذلك. أما أنا كطفل فلم تتفتح شخصيتي بعد، فلا أنت ولا أنا نعرف الأشياء التي قد أكون قادراً على القيام بها.
إن تعريفي بصفة واحدة من شخصيتي قد يوقعك في خطر وضع توقعات منخفضة جداً مني، وإذا ماوصلني إحساسك بأنك تعتقد أنني غير قادر على " القيام بالأمر " وتحقيق النجاح، فسيكون رد فعلي الطبيعي هو: لِمَ أحاول أصلاً ؟
2- مدركاتي الحسية مضطربة .
التوافق الحسي قد يكون من أكثر مظاهر التوحد صعوبة على الفهم، وهناك من يقول إنه الأكثر أهمية. هذا يعني أن المَشَاهد والأصوات والروائح والمذاقات واللمسات العادية اليومية، التي قد لا تلاحظها أنت، قد تكون ألماً خالصاً بالنسبة لي.
إن المحيط الذي يتوجب علي أن أعيش فيه، كثيراً ما يبدو لي عدائياً تجاهي.
قد أبدو بالنسبة لك انعزالياً أو شديد الخصومة، ولكنني في الحقيقة، لا أفعل شيئاً سوى محاولة الدفاع عن نفسي، وهذا يفسر لك لماذا قد يكون القيام بمشوار "بسيط " إلى البقالية هو الجحيم بالنسبة لي:
قد يكون سمعي بالغ الحدة، عشرات الأشخاص يتكلمون في نفس الوقت، مكبرات الصوت تجلجل بعرض تنزيلات اليوم. الموسيقى تصدح من جهاز الصوت. آلات تسجيل النقود تزمر وتسعل، آلة طحن القهوة تئز، وآلة جرش اللحم تصدر صريراً حاداً، أطفال يبكون، عربات تزقزق، أضواء النيون تئز. إن عقلي لايستطيع تصفية كل مايدخل إليه وأنا أصبح تحت حمل لايطاق.
قد يكون إحساسي بالروائح حساساً لدرجة عالية. السمكة الموضوعة في واجهة قسم اللحوم ليست طازجة تماماً. الرجل الذي يقف الى جانبنا لم يستحم اليوم، البائع يقدم عينات من النقانق، الطفل الذي في الصف أمامنا لديه حفاض متسخ. في الممر الثالث ينظفون واجهات عرض المخللات بالأمونيا... أنا لا أستطيع أن أصنف كل هذه الروائح. أنا على وشك الوقوع في حالة خطيرة من الغثيان.
ونظراً لأنني محفز بصرياً (اقرأ المزيد عن هذا الموضوع أدناه) فإن البصر قد يكون الحاسة الأسرع استثارةً لدي. فضوء النيون ليس ساطعاً أكثر مما يجب وحسب، بل هو يئز ويدمدم، القاعة تكاد تنبض وذلك يؤذي عيني. الضوء النابض يقفز فوق كل شيء ويشوش ما أراه أنا .
الفراغ يبدو لي كما لو أنه يتغير باستمرار. هناك ضوء مبهر يدخل من النوافذ، وثمة أمامي الكثير من الأشياء بحيث لا أستطيع التركيز (هنا قد أعوِّض بـ "رؤيا النفق ")، مراوح متحركة في السقف، أجسام كثيرة في حالة دائمة من الحركة. وهذا كله يؤثر على اضطراب رؤيتي وتشوش حواسي، بحيث أنني لا أستطيع أن أحدد أين يقع جسدي في هذا الفراغ.
3- أرجوك تذكر أن تميز بين " لا أريد " (أختار ألا أفعل ذلك) وبين " لا أستطيع " (أنا غير قادر على القيام بذلك).
قد تكون اللغة الاستقبالية والتعبيرية والمفردات تحدياتٍ رئيسية بالنسبة لي. ليس الأمر أنني لا أصغي للتوجيهات، الأمر هو أنني لا أستطيع أن أفهمك. عندما تناديني من طرف الغرفة، هذا ما أسمعه من كلامك: " &^%$#@* يا بيلي. #$%^*&^%$& "
بدلاً من ذلك اقترب مني وقل لي بشكل واضح ومباشر: "رجاء ضع كتابك على طاولتك. يا بيلي. حان الوقت كي نتناول الغداء". بهذا تخبرني ماذا تريد مني أن أفعل، وما الذي سيحدث بعد ذلك. وهذا يجعل من السهل جداً بالنسبة لي أن أطيع.
4- أنا مفكر صلب. هذا يعني أنني أفسر اللغة حرفياً .
إنه لمما يربكني أن تقول لي "اشكم جيادك يا راعي البقر!" عندما يكون ما تعنيه بالفعل هو القول: "من فضلك توقف عن الركض". لاتقل لي هذه "قطعة من الكعك" عندما لاتكون هناك أية حلوى حولي. وأنت تقصد أن تقول لي: "إن هذا أمر من السهل عليك القيام به". عندما تقول لي "إنها تصب قططاً وكلاباً" أرى الحيوانات الأليفة تتدفق من العبَّارة. أرجوك قل لي بدلاً من ذلك: " إنها تمطر بغزارة ".
إن المصطلحات والعبارات الموزونة والتشبيهات، والمعاني المزدوجة والإيحاءات، وأنواع البلاغة والإحالات والاستهزاء كلها لاجدوى منها معي.
5- أرجوك كن صبوراً مع قاموس مفرداتي المحدود.
من الصعب علي أن أقول لك ما أنا بحاجة إليه عندما لا أعرف الكلمات المناسبة لوصف مشاعري. قد أكون جائعاً، محبطاً، مذعوراً أو مشوشاً، ولكن هذه الكلمات في هذه اللحظة هي فوق مقدرتي على التعبير. كن متنبهاً للغة الجسد، الانسحاب، الاحتجاج أو أية علامات تشير إلى وجود شيء ما يسير على نحو خاطئ.
وقد يكون هناك جانب معاكس لهذا الأمر: فأنا قد أعبر عن نفسي كأستاذ جامعي صغير، أو كنجم سينمائي أستظهر كلمات ونصوصاً بأكملها بشكل جيد يفوق عمري. ثمة رسائل حفظتها من العالم المحيط بي كي أعوض بها عن العجز في لغتي لأنني أعلم أنه يفترض بي أن أجيب عندما يوجه لي الكلام. هذه الرسائل قد تأتي من الكتب، أو التلفزيون، أو من كلام الناس الآخرين .
هذه الحالة يطلق عليها اسم "المصاداة". وهنا أنا قد لا أفهم المعنى ولا أدرك مغزى المصطلحات التي أستخدمها. كل ما أعرفه هو أنها تفلتني من السنارة بحيث أجد جواباً ما.
6- بما أن اللغة صعبة جداً بالنسبة لي فأنا شخص ذو توجّه بصري.
أرجوك أن تريني كيف يمكن القيام بشيء ما بدلاً من الاكتفاء بقول ذلك لي. أرجوك أن تكون مستعداً لأن تريني نفس الشيء لمرات عديدة. لأن التكرار المنهجي يساعدني على التعلم .
إن وضع برنامج بصري لي يساعدني إلى حد كبير وأنا أجتاز نهاري .
فوضع برنامج توقيت نهاري ينقذني من ضغط حاجتي لتذكر ما الذي يجب أن أفعله تالياً، ويتيح لي فرصة الانتقال بسلاسة بين النشاطات المختلفة. وهو يساعدني على إدارة وقتي وتلبية توقعاتك مني.
أنا لن أفقد الحاجة للبرامج البصرية وأنا أكبر، لكن "مستوى التمثيل" في البرامج قد يتغير. فقبل أن أستطيع القراءة أنا بحاجة لبرنامج بصري مزود بصور أو رسوم بسيطة، وعندما أكبر قد يصبح من الممكن استخدام الكلمات مع الصور، وفيما بعد قد يمكن استخدام الكلمات وحسب.
7-أرجوك أن تركز وتبني على الأشياء التي أستطيع القيام بها، لا على الأشياء التي لا أستطيع القيام بها.
أنا مثل أي إنسان آخر، لا أستطيع أن أتعلم في مناخ يتم فيه إشعاري باستمرار أنني لست جيداً بما فيه الكفاية وأنني بحاجة لعملية "تصليح"، وعندما يقابل أي شيء جديد أقوم به بالنقد مهما كان "بنّاءً" عندها سأقوم أنا بتجنب ذلك الشيء. ابحث عن مقدراتي وسوف تجدها، فهناك أكثر من طريقة واحدة "صحيحة" للقيام بالأشياء .
8- أرجوك ساعدني في مجال التفاعلات الاجتماعية.
قد يبدو لك أنني لا أود أن ألعب مع الأطفال الآخرين في ساحة اللعب، والسبب في بعض الأحيان هو أنني، بكل بساطة، لا أعرف كيف أبدأ بالمحادثة، ولا الدخول في وضعية اللعب.
إذا كان بوسعك تشجيع الأطفال الآخرين على دعوتي لمشاركتهم في ركل الكرة، أو التسديد على السلة، فعندها قد يكون من دواعي سروري أن أشارك.
إن أدائي يكون أفضل في نشاطات اللعب المنظمة التي لها بداية ونهاية محددتان.
أنا لا أعرف كيف "أقرأ " تعابير الوجه، ولا أفهم لغة الجسد، ولا عواطف الآخرين، لذا فأنا أحبذ التدريب المستمر على الاستجابات الاجتماعية المناسبة. مثلاً؛ إذا ضحكت أنا عندما تقع إيميلي عن المزلقة فهذا لايعني أنني أعتقد أن ذلك مضحك، بل لأنني لا أعرف ماهو رد الفعل المناسب في مثل هذه الحالة. علمني كيف أقول لها: "هل أنت على مايرام؟ ".
9- حاول أن تحدد الأمور التي تضغط زناد انصهاراتي.
( الانصهار: حالة خطرة جداً ترتفع فيها درجة حرارة وقود المفاعل النووي إلى حد كبير فيذيب حاوياته ويتسرب إلى الخارج)
الانصهارات، الانفجارات، نوبات الغضب المفاجئة، أو أية تسمية أخرى تشاء، هي أكثر إثارة للرعب لي مما هي لك. وهي تحدث لأن واحدة أو أكثر من حواسي تعاني من حمولة زائدة لا تطاق. إذا كان بوسعك أن تحدد لماذا تحدث انصهاراتي، عندها يمكنك أن تحول دون وقوعها. لهذا الغرض احتفظ بسجل تدون فيه الأوقات، الأوضاع، الأشخاص، والنشاطات، عندها قد يظهر لك نموذج ما.
تذكر أن كل تصرف هو شكل من أشكال التواصل. وتصرفي يقول لك عندما لا تستطيع كلماتي ذلك، كيف أشعر حيال شيء ما يحدث في محيطي .
أيها الأهل: ضعوا في اعتباركم أيضاً مايلي: إن السلوك المتكرر قد تكون له أسباب طبية دفينة: التحسس لأنواع معينة من الطعام، والحساسيات المختلفة، واضطرابات النوم، ومشاكل الجهاز الهضمي، كل هذه قد يكون لها أثرها العميق على السلوك.
10 – إذا كنت فرداً من عائلتي أرجوك أحبني بشكل غير مشروط.
تخلص من الأفكار المشابهة لما يلي: "لو كان بمقدوره أن..." و "ولماذا لا تستطيع هي أن ...".
أنت لم تحقق كل الآمال التي علقها ذووك عليك، وأنت لا تود أن يقوم أحد ما بتذكيرك بهذا الأمر بشكل مستمر .
أنا لم أختر أن أصاب بالتوحد، لكن تذكر أن التوحد أمر يحصل لي وليس لك.
دون دعمك ستكون فرصي محدودة في الوصول - بنجاح واعتماد على ذاتي - إلى سن البلوغ. بدعمك وتوجيهك تصبح الاحتمالات أرحب مما قد تتوقع أنت. أنا أعدك أنني سأكون جديراً بذلك.
أخيراً ثلاث كلمات: الصبر ، الصبر ، الصبر.
اعمل من أجل إظهار توحدي كما لو أنه مقدرة من نوع آخر لا إعاقة .
انظر إلى أبعد مما كنت تعتبره في الماضي ضرباً من المحدودية، واكتشف المواهب التي أعطاني إياها التوحد.
قد يكون صحيحاً أنني لا أجيد التواصل البصري أو المحادثة، لكن هل لاحظت مثلاً أنني لا أكذب ولا أغش في الألعاب، ولا أستغيب أبناء صفي، ولا أطلق الأحكام على الآخرين؟
من الصحيح أيضاً أنني قد لن أكون خليفة مايكل جوردان، في كرة السلة. ولكن من خلال انتباهي للتفاصيل الدقيقة وقدرتي على التركيز الاستثنائي قد أكون خليفة إنشتاين، أو موزارت أو فان كوخ، فقد كان هؤلاء ممن لديهم التوحد أيضاً.
إن الجواب على مرض الزهايمر، ولغز الحياة خارج الأرض، وكنه الإنجازات المستقبلية التي نتوقعها من الأطفال التوحديين الذين يشبهونني، أمور سيجيب عنها المستقبل. إلا أن كل ما في مقدوري أن أكونه لن يتحقق دون وجودك كمؤسس وداعم لي .
فكر ببعض هذه " القواعد" الاجتماعية، وإذا وجدت أنها تبدو لي بلا معنى فدعك منها.
كن المدافع عني، كن صديقي، وسنرى معاً إلى أي مدى أستطيع أن أصل.
بعض الأيام يكون الشيء الوحيد الذي يمكن توقعه منها هو عدم قابليتها للتوقع. السمة الدائمة الوحيدة هي عدم الدوام.
ثمة قلة يجادلون، على مختلف المستويات، في حقيقة أن التوحد أمر غير قابل للفهم حتى بالنسبة لأولئك الذين يمضون حياتهم بالقرب منه.
قد يبدو الطفل الذي يعيش التوحد طبيعياً، ولكن تصرفاته قد تكون محيرة أو صعبة إلى أقصى حد.
اعتُبرَ التوحد في مرحلة ما نوعاً من الاضطراب "غير قابل للشفاء"، لكن هذه الفرضية تنهار في وجه المعرفة والفهم اللذين يتزايدان حتى أثناء قراءتك لهذه الكلمات.
في كل يوم يُظهر لنا الأفراد الذين يعانون التوحد أنهم قادرون على التعويض وقهر أكثر صفات التوحد تحدياً. إن تزويد أولئك الذين يعيشون حول أطفالنا بفهم بسيط لعناصر التوحد الأساسية، له تأثير هائل على رحلتهم نحو سن نضج منتج ومستقل.
التوحد اضطراب معقد إلى أقصى حد، ولكن غرضنا في هذا المقال أن نركّز خواصه الكثيرة في أربعة أقسام أساسية: تحديات المعالجة الحسية، تأخر وإعاقات الكلام واللغة، مهارات التفاعل الاجتماعي المحيرة، وجميع القضايا المتعلقة بتقدير الطفل لذاته.
ومع أن هذه العناصر الأربعة قد تكون مألوفة بالنسبة للعديد من الأطفال، يجب أن يكون في أولوية تفكيرنا حقيقة أن التوحد هو اضطراب طيفي: فليس كل طفلين مصابين بالتوحد يتشابهان تماماً (وليس كل عشرة أو عشرين). فكل طفل قد يكون على درجة مختلفة من درجات ذلك الطيف. ومن المهم بنفس القدر أن يكون كل واحد من الأهل، والمعلمين، ومقدمي الرعاية عند درجة ما من درجات ذلك الطيف. سواء كان طفلاً أو بالغاً، فإن لكل طفل لديه التوحد منظومة فريدة من الاحتياجات.
فيما يلي أورد عشرة أشياء يود كل طفل يعاني التوحد، منك أن تعرفها:
1-أنا أولاً وقبل كل شيء طفل . أنا لدي التوحد. ولكنني لست "توحدياً" بالدرجة الأولى.
توحدي هو واحد من أبعاد شخصيتي المتكاملة. وهو لايُعَرِّفني كشخص.
هل أنت شخص له أفكاره وأحاسيسه ومواهبه الكثيرة، أم أنك مجرد شخص بدين يعاني الوزن الزائد أو قصير النظر يرتدي نظارات طبية أو فوضوي غير مرتب وغير ماهر بالرياضة؟
قد تكون هذه هي الأشياء التي أراها قبل سواها عندما ألتقي بك، ولكنها لاتعبر بالضرورة عن كل ما لديك.
كبالغ، لديك بعض السيطرة على الطريقة التي تعرِّف بها نفسك. فإذا كنت تريد إبراز خاصية ما فيك يمكنك أن تعلن ذلك. أما أنا كطفل فلم تتفتح شخصيتي بعد، فلا أنت ولا أنا نعرف الأشياء التي قد أكون قادراً على القيام بها.
إن تعريفي بصفة واحدة من شخصيتي قد يوقعك في خطر وضع توقعات منخفضة جداً مني، وإذا ماوصلني إحساسك بأنك تعتقد أنني غير قادر على " القيام بالأمر " وتحقيق النجاح، فسيكون رد فعلي الطبيعي هو: لِمَ أحاول أصلاً ؟
2- مدركاتي الحسية مضطربة .
التوافق الحسي قد يكون من أكثر مظاهر التوحد صعوبة على الفهم، وهناك من يقول إنه الأكثر أهمية. هذا يعني أن المَشَاهد والأصوات والروائح والمذاقات واللمسات العادية اليومية، التي قد لا تلاحظها أنت، قد تكون ألماً خالصاً بالنسبة لي.
إن المحيط الذي يتوجب علي أن أعيش فيه، كثيراً ما يبدو لي عدائياً تجاهي.
قد أبدو بالنسبة لك انعزالياً أو شديد الخصومة، ولكنني في الحقيقة، لا أفعل شيئاً سوى محاولة الدفاع عن نفسي، وهذا يفسر لك لماذا قد يكون القيام بمشوار "بسيط " إلى البقالية هو الجحيم بالنسبة لي:
قد يكون سمعي بالغ الحدة، عشرات الأشخاص يتكلمون في نفس الوقت، مكبرات الصوت تجلجل بعرض تنزيلات اليوم. الموسيقى تصدح من جهاز الصوت. آلات تسجيل النقود تزمر وتسعل، آلة طحن القهوة تئز، وآلة جرش اللحم تصدر صريراً حاداً، أطفال يبكون، عربات تزقزق، أضواء النيون تئز. إن عقلي لايستطيع تصفية كل مايدخل إليه وأنا أصبح تحت حمل لايطاق.
قد يكون إحساسي بالروائح حساساً لدرجة عالية. السمكة الموضوعة في واجهة قسم اللحوم ليست طازجة تماماً. الرجل الذي يقف الى جانبنا لم يستحم اليوم، البائع يقدم عينات من النقانق، الطفل الذي في الصف أمامنا لديه حفاض متسخ. في الممر الثالث ينظفون واجهات عرض المخللات بالأمونيا... أنا لا أستطيع أن أصنف كل هذه الروائح. أنا على وشك الوقوع في حالة خطيرة من الغثيان.
ونظراً لأنني محفز بصرياً (اقرأ المزيد عن هذا الموضوع أدناه) فإن البصر قد يكون الحاسة الأسرع استثارةً لدي. فضوء النيون ليس ساطعاً أكثر مما يجب وحسب، بل هو يئز ويدمدم، القاعة تكاد تنبض وذلك يؤذي عيني. الضوء النابض يقفز فوق كل شيء ويشوش ما أراه أنا .
الفراغ يبدو لي كما لو أنه يتغير باستمرار. هناك ضوء مبهر يدخل من النوافذ، وثمة أمامي الكثير من الأشياء بحيث لا أستطيع التركيز (هنا قد أعوِّض بـ "رؤيا النفق ")، مراوح متحركة في السقف، أجسام كثيرة في حالة دائمة من الحركة. وهذا كله يؤثر على اضطراب رؤيتي وتشوش حواسي، بحيث أنني لا أستطيع أن أحدد أين يقع جسدي في هذا الفراغ.
3- أرجوك تذكر أن تميز بين " لا أريد " (أختار ألا أفعل ذلك) وبين " لا أستطيع " (أنا غير قادر على القيام بذلك).
قد تكون اللغة الاستقبالية والتعبيرية والمفردات تحدياتٍ رئيسية بالنسبة لي. ليس الأمر أنني لا أصغي للتوجيهات، الأمر هو أنني لا أستطيع أن أفهمك. عندما تناديني من طرف الغرفة، هذا ما أسمعه من كلامك: " &^%$#@* يا بيلي. #$%^*&^%$& "
بدلاً من ذلك اقترب مني وقل لي بشكل واضح ومباشر: "رجاء ضع كتابك على طاولتك. يا بيلي. حان الوقت كي نتناول الغداء". بهذا تخبرني ماذا تريد مني أن أفعل، وما الذي سيحدث بعد ذلك. وهذا يجعل من السهل جداً بالنسبة لي أن أطيع.
4- أنا مفكر صلب. هذا يعني أنني أفسر اللغة حرفياً .
إنه لمما يربكني أن تقول لي "اشكم جيادك يا راعي البقر!" عندما يكون ما تعنيه بالفعل هو القول: "من فضلك توقف عن الركض". لاتقل لي هذه "قطعة من الكعك" عندما لاتكون هناك أية حلوى حولي. وأنت تقصد أن تقول لي: "إن هذا أمر من السهل عليك القيام به". عندما تقول لي "إنها تصب قططاً وكلاباً" أرى الحيوانات الأليفة تتدفق من العبَّارة. أرجوك قل لي بدلاً من ذلك: " إنها تمطر بغزارة ".
إن المصطلحات والعبارات الموزونة والتشبيهات، والمعاني المزدوجة والإيحاءات، وأنواع البلاغة والإحالات والاستهزاء كلها لاجدوى منها معي.
5- أرجوك كن صبوراً مع قاموس مفرداتي المحدود.
من الصعب علي أن أقول لك ما أنا بحاجة إليه عندما لا أعرف الكلمات المناسبة لوصف مشاعري. قد أكون جائعاً، محبطاً، مذعوراً أو مشوشاً، ولكن هذه الكلمات في هذه اللحظة هي فوق مقدرتي على التعبير. كن متنبهاً للغة الجسد، الانسحاب، الاحتجاج أو أية علامات تشير إلى وجود شيء ما يسير على نحو خاطئ.
وقد يكون هناك جانب معاكس لهذا الأمر: فأنا قد أعبر عن نفسي كأستاذ جامعي صغير، أو كنجم سينمائي أستظهر كلمات ونصوصاً بأكملها بشكل جيد يفوق عمري. ثمة رسائل حفظتها من العالم المحيط بي كي أعوض بها عن العجز في لغتي لأنني أعلم أنه يفترض بي أن أجيب عندما يوجه لي الكلام. هذه الرسائل قد تأتي من الكتب، أو التلفزيون، أو من كلام الناس الآخرين .
هذه الحالة يطلق عليها اسم "المصاداة". وهنا أنا قد لا أفهم المعنى ولا أدرك مغزى المصطلحات التي أستخدمها. كل ما أعرفه هو أنها تفلتني من السنارة بحيث أجد جواباً ما.
6- بما أن اللغة صعبة جداً بالنسبة لي فأنا شخص ذو توجّه بصري.
أرجوك أن تريني كيف يمكن القيام بشيء ما بدلاً من الاكتفاء بقول ذلك لي. أرجوك أن تكون مستعداً لأن تريني نفس الشيء لمرات عديدة. لأن التكرار المنهجي يساعدني على التعلم .
إن وضع برنامج بصري لي يساعدني إلى حد كبير وأنا أجتاز نهاري .
فوضع برنامج توقيت نهاري ينقذني من ضغط حاجتي لتذكر ما الذي يجب أن أفعله تالياً، ويتيح لي فرصة الانتقال بسلاسة بين النشاطات المختلفة. وهو يساعدني على إدارة وقتي وتلبية توقعاتك مني.
أنا لن أفقد الحاجة للبرامج البصرية وأنا أكبر، لكن "مستوى التمثيل" في البرامج قد يتغير. فقبل أن أستطيع القراءة أنا بحاجة لبرنامج بصري مزود بصور أو رسوم بسيطة، وعندما أكبر قد يصبح من الممكن استخدام الكلمات مع الصور، وفيما بعد قد يمكن استخدام الكلمات وحسب.
7-أرجوك أن تركز وتبني على الأشياء التي أستطيع القيام بها، لا على الأشياء التي لا أستطيع القيام بها.
أنا مثل أي إنسان آخر، لا أستطيع أن أتعلم في مناخ يتم فيه إشعاري باستمرار أنني لست جيداً بما فيه الكفاية وأنني بحاجة لعملية "تصليح"، وعندما يقابل أي شيء جديد أقوم به بالنقد مهما كان "بنّاءً" عندها سأقوم أنا بتجنب ذلك الشيء. ابحث عن مقدراتي وسوف تجدها، فهناك أكثر من طريقة واحدة "صحيحة" للقيام بالأشياء .
8- أرجوك ساعدني في مجال التفاعلات الاجتماعية.
قد يبدو لك أنني لا أود أن ألعب مع الأطفال الآخرين في ساحة اللعب، والسبب في بعض الأحيان هو أنني، بكل بساطة، لا أعرف كيف أبدأ بالمحادثة، ولا الدخول في وضعية اللعب.
إذا كان بوسعك تشجيع الأطفال الآخرين على دعوتي لمشاركتهم في ركل الكرة، أو التسديد على السلة، فعندها قد يكون من دواعي سروري أن أشارك.
إن أدائي يكون أفضل في نشاطات اللعب المنظمة التي لها بداية ونهاية محددتان.
أنا لا أعرف كيف "أقرأ " تعابير الوجه، ولا أفهم لغة الجسد، ولا عواطف الآخرين، لذا فأنا أحبذ التدريب المستمر على الاستجابات الاجتماعية المناسبة. مثلاً؛ إذا ضحكت أنا عندما تقع إيميلي عن المزلقة فهذا لايعني أنني أعتقد أن ذلك مضحك، بل لأنني لا أعرف ماهو رد الفعل المناسب في مثل هذه الحالة. علمني كيف أقول لها: "هل أنت على مايرام؟ ".
9- حاول أن تحدد الأمور التي تضغط زناد انصهاراتي.
( الانصهار: حالة خطرة جداً ترتفع فيها درجة حرارة وقود المفاعل النووي إلى حد كبير فيذيب حاوياته ويتسرب إلى الخارج)
الانصهارات، الانفجارات، نوبات الغضب المفاجئة، أو أية تسمية أخرى تشاء، هي أكثر إثارة للرعب لي مما هي لك. وهي تحدث لأن واحدة أو أكثر من حواسي تعاني من حمولة زائدة لا تطاق. إذا كان بوسعك أن تحدد لماذا تحدث انصهاراتي، عندها يمكنك أن تحول دون وقوعها. لهذا الغرض احتفظ بسجل تدون فيه الأوقات، الأوضاع، الأشخاص، والنشاطات، عندها قد يظهر لك نموذج ما.
تذكر أن كل تصرف هو شكل من أشكال التواصل. وتصرفي يقول لك عندما لا تستطيع كلماتي ذلك، كيف أشعر حيال شيء ما يحدث في محيطي .
أيها الأهل: ضعوا في اعتباركم أيضاً مايلي: إن السلوك المتكرر قد تكون له أسباب طبية دفينة: التحسس لأنواع معينة من الطعام، والحساسيات المختلفة، واضطرابات النوم، ومشاكل الجهاز الهضمي، كل هذه قد يكون لها أثرها العميق على السلوك.
10 – إذا كنت فرداً من عائلتي أرجوك أحبني بشكل غير مشروط.
تخلص من الأفكار المشابهة لما يلي: "لو كان بمقدوره أن..." و "ولماذا لا تستطيع هي أن ...".
أنت لم تحقق كل الآمال التي علقها ذووك عليك، وأنت لا تود أن يقوم أحد ما بتذكيرك بهذا الأمر بشكل مستمر .
أنا لم أختر أن أصاب بالتوحد، لكن تذكر أن التوحد أمر يحصل لي وليس لك.
دون دعمك ستكون فرصي محدودة في الوصول - بنجاح واعتماد على ذاتي - إلى سن البلوغ. بدعمك وتوجيهك تصبح الاحتمالات أرحب مما قد تتوقع أنت. أنا أعدك أنني سأكون جديراً بذلك.
أخيراً ثلاث كلمات: الصبر ، الصبر ، الصبر.
اعمل من أجل إظهار توحدي كما لو أنه مقدرة من نوع آخر لا إعاقة .
انظر إلى أبعد مما كنت تعتبره في الماضي ضرباً من المحدودية، واكتشف المواهب التي أعطاني إياها التوحد.
قد يكون صحيحاً أنني لا أجيد التواصل البصري أو المحادثة، لكن هل لاحظت مثلاً أنني لا أكذب ولا أغش في الألعاب، ولا أستغيب أبناء صفي، ولا أطلق الأحكام على الآخرين؟
من الصحيح أيضاً أنني قد لن أكون خليفة مايكل جوردان، في كرة السلة. ولكن من خلال انتباهي للتفاصيل الدقيقة وقدرتي على التركيز الاستثنائي قد أكون خليفة إنشتاين، أو موزارت أو فان كوخ، فقد كان هؤلاء ممن لديهم التوحد أيضاً.
إن الجواب على مرض الزهايمر، ولغز الحياة خارج الأرض، وكنه الإنجازات المستقبلية التي نتوقعها من الأطفال التوحديين الذين يشبهونني، أمور سيجيب عنها المستقبل. إلا أن كل ما في مقدوري أن أكونه لن يتحقق دون وجودك كمؤسس وداعم لي .
فكر ببعض هذه " القواعد" الاجتماعية، وإذا وجدت أنها تبدو لي بلا معنى فدعك منها.
كن المدافع عني، كن صديقي، وسنرى معاً إلى أي مدى أستطيع أن أصل.
المصدر: منتدى المسافر العربى - من قسم: قسم الطفل و المرأة المسلمة والسعادة الاسريه
uavm Hadhx d,] ;g 'tg g]di hgj,p~E] Hk juvtih
http://ift.tt/Mi9btA
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
منتدى المسافر العربى
http://www.almosaafer.com/vb